1

European Union pays Gaddafi to fight immigration

Couple Berlusconi KadhafiLibyan leader Muammar Gaddafi signed a contract of £50 million with the European Union to stop immigrants from entering Europe through Libya.

Every year, thousands of people attempt to cross the Mediterranean from Libya to Italy and many die en route, while those who are caught are taken back to camps in Libya where conditions are alarming. In 2008, Italy and Libya agreed a deal that allows the Italian navy to intercept illegal immigrants and return them to Libya. The move already triggered sharp criticism from the UN’s refugee agency and human rights groups.

On Tuesday the 5th October 2010, Libya and the European Union finalised a co-operation agreement on illegal migration. Pan-African co-operation, mobility, management of migration flows, border control and international protection are addressed in the accord. Under the agreement signed in Tripoli by European Union Commissioners Cecilia Malmstrom and Steven Fule, the EU will also provide Libya with 50 million Euros over the next 3 years to combat the flow of illegal migrants to Europe and to protect refugees

Colonel Gaddafi’s demand of £4.1 billions during his speech cases controversy

Libyan leader Colonel Muammar Gaddafi had demanded for £4.1 billion a year from the European Union to stop illegal immigration which “threatens to turn Europe black”. Colonel Gaddafi made the demand as he ended his controversial two-day visit to Italy where he caused outrage in the Catholic Church by hosting two convert to Islam parties. Furious, Italian members of parliament (MPs) slammed his demands made in his farewell speech for cash to stop immigration and compared them to a Mafia extortion racket.

In the speech Gaddafi, 67, told his audience in Rome that Italy needs to convince her European allies to accept this Libyan proposal of 5 billion euro to Libya to stop illegal immigration, otherwise Europe runs the risk of turning into black. “We need support from the European Union to stop this army trying to get across from Libya, which is their entry point. At the moment there is a dangerous level of immigration from Africa into Europe, and we don’t know what will happen. We don’t know if Europe will remain an advanced and cohesive continent or if it will be destroyed by this barbarian invasion. We have to imagine that this could happen, but before, it does we need to work together” Gaddafi said.

Critics immediately targeted Gaddafi, pointing out how the UN High Commission for Refugees closed its Libyan office earlier this year, and opposition MPs called on Silvio Berlusconi to distance himself from the Libyan leader and his attempts to secure money from the EU. Silvana Mura, of the anti-sleaze party Italy of Values, said: “We need to know immediately if the Italian government intends to support this proposal which is in essence an unacceptable blackmail”. And Luigi de Magistris, an MEP with Italy of Values, said: “The dictator Gaddafi wants five billion euro to stop immigration, but where will the money go?”.

Libya buys coastal monitoring system to curb illegal migrants

Libya agreed to pay Irish-based company Transas Marine about 28 million dollars for a radar system to monitor its vast coastline for illegal migrants and outbreaks of pollution. The system will cover the entire Libyan coast, which stretches almost 2,000 kilometres (1,240 miles), Transas Marine said after a contract-signing ceremony in Tripoli. Libya will have a system that is one of the most modern and efficient in the world and « even detect small boats used by illegal immigrants” said Christopher Loiz, head of the company’s French unit. Transas Marine hoped to complete the installation of the system of 15 monitoring stations within 16 months, which Loiz said cost more than 20 million euros.

Shawn WAKIDA

Membre de la rédaction lausannoise de Voix d’Exils




Le message du mouton

Mariage et passeport dans le monde de l'asile

Série 1 le message du mouton par Nashwan BAMARNI, artiste originaire du Kurdistan – Irak




مهربو الأشخاص: رحلات منظمة ليس كغيرها من الرحلات

Un bateau transporte des migrantsأبو راوند (اسم مستعار) وهو مهرب أشخاص كردي من أصل عراقي يقيم في تركيا منذ عدة سنوات. وقد وافق على الإدلاء بشهادته حصريا إلى صوت المهجر. وعلى حد قوله، فهي المرة الأولى والأخيرة التي يجري فيها حديثا صحفيا وذلك من باب الاحتراس. وهو رجل رب عائلة يناهز عمره الخمسين عاما، وهو معروف في أوساط مهربي الأشخاص، ويتبوأ مكانة هامة في شبكته، وبفضله استطاع آلاف الأشخاص الهجرة إلى أوروبا. كما أن هذا « الفارس » كما يلقبه أصحابه، يتقن عدة لغات، وله معارف جيدة بالجغرافيا وبالقوانين، وخاصة بقوانين العقوبات المعمول بها في مختلف البلاد الأوروبية. وبدأ زعيم شبكة مهربي الأشخاص هذا نشاطاته في التسعينات. وهو رجل مثقف وهادئ وحذر، مما جنبه لغاية الآن الملاحقة لممارسته هذا النشاط.

صوت الهجرة : ما هي كلفة « السفرة » للشخص الواحد؟

 أبو راوند: إن كلفة السفرة تتوقف على وسيلة النقل المستعملة، وطول المسافة ودرجة الحيطة اللازمة لها. فمثلا، إن السفرة مشيا على الأقدام من تركيا إلى اليونان والتي قد تستمر من ثمانية أيام إلى ثلاثة عشر يوما تكلف ما بين 3000 إلى 4500 دولارا أمريكيا. أما إذا جرت نفس السفرة على متن شاحنة بضائع، فسيقفز السعر من 6000 إلى 8000 دولارا أمريكيا. والرحلة بالبحر من تركيا إلى إيطاليا على متن قارب « زودياك » ، نكلف 8000 دولارا أمريكيا للشخص الواحد. والسفر جوا من تركيا نحو أحد بلدان الاتحاد الأوروبي يكلف ما بين  18.000 إلى 25.000 دولارا أمريكيا للشخص البالغ. ونصف هذا المبلغ للقاصرين. كما نقوم أيضا بتنظيم السفراات ما بين البلدان الأوروبية بالنسبة للأشخاص المرفوضين من بلد ما، والذين يرغبون في تقديم طلبات لجوء إلى بلدان أخرى. لنأخذ مثلا البلدان الآتية: من فرنسا نحو إنجلترا وسويسرا. فإن تكلفة السفرة تتراوح ما بين 2000 و3000 دولارا أمريكيا. والسفرة من السويد أو فنلندا أو الدنمرك أو النرويج إلى ألمانيا أو فرنسا أو سويسرا تكلف بين 3000 و4000 دولارا أمريكيا.

 صوت المهجر: على أي أساس تضعون أسعار السفرات؟ هل الأمر يتعلق بالمسافة أو بوسيلة النقل المستخدمة؟

 أبو راوند: نضع أسعار السفرات حسب نسبة الخطر الذي تتعرض له، وكذلك حسب المسافة ووسيلة النقل المستخدمة. ولكن يمكن لتكلفة السفر أن تنخفض حسب عدد العملاء الذين يساعدوننا.

Passeurs tours opérateurs صوت المهجر: ما هو عدد بلدان المقصد الذي تتعاملون معها؟

 أبو راوند: للمهاجرين الأغنياء حرية اختيار البلد ووسيلة النقل. أما الذين ليس لديهم إمكانيات مالية كافية، فعليهم أن يرضخوا لما نقترحه عليهم من عروض.

 صوت المهجر: هل باستطاعة المهاجرين اختيار البلد الذي يرغبون الذهاب إليه؟

 أبو راوند: نعم، باستطاعتهم اختيار البلد الذي يرغبون الذهاب إليه، ولكن يتوقف الأمر على عدد المحلات الشاغرة نحو مختلف البلدان والثمن الذي باستطاعتهم  أن يدفعوه.

 صوت المهجر: كيف تستطيعون تجنّب التفتيش المفروض على حدود الدول؟

أبو راوند: لدينا شبكة من المتعاونين بين حرس الحدود ورجال الأمن في بلدان العبور. أما بالنسبة للتنقل داخل أوروبا، فإننا نستخدم مواطنين أوروبيين.

 صوت المهجر: كيف تعالجون مسألة الأوراق الخاصة بالهويات؟

أبو راوند: يجري اجتياز الحدود سرا، وتتلف كافة الوثائق والأشياء التي من شأنها كشف بلد منشأ المهاجرين، بهدف تعقيد إجراءات الطرد في حال التوقيف. كما نتلف أيضا كل هذه المعطيات لحماية عملائنا من المهربين.

 صوت المهجر: كيف يتم الاتصال بينكم وبين الراغبين في الهجرة؟

 أبو راوند: يتصل بنا المرشحون للرحلات على رقم هاتف خليوي يتغير من رحلة إلى أخرى، أو من الغرف العامة للهاتف في ساعات محددة. تجري هذه الاتصالات بفضل أشخاص بأسماء مستعارة متواجدين في البلدان حيث نسبة المهاجرين فيها كبيرة، أو عبر مهاجرين كانوا قد استفادوا سابقا من خدماتنا.

 صوت المهجر: ما المخاطر التي تواجهونها في حال لم يصل المشتركون في الرحلة إلى البلدان التي يقصدونها؟

 أبو راوند: إن توقيف المشاركين في الرحلة ينتهي باعتقالهم مدة خمسة إلى خمسة عشر يوما. وبعد فترة الاعتقال هذه، تطلق السلطات سبيل الذين لم تتمكن من تحديد بلد منشأهم، ويتم إرجاع الذين لم يحالفهم الحظ إلى بلادهم. هكذا تستأنف المغامرة بالنسبة للفئة الأولى. كما أن هناك خطر الأمراض والحوادث التي قد تقع خلال الرحلة، ولكنها تبقى نادرة.

 صوت المهجر: هل أنت على استعداد أن تجازف بحياتك من أجل المكاسب الكبيرة التي يدرّها عليك هذا النشاط؟

 أبو راوند: بالتأكيد، إن ممارسة هذا النشاط يدرّ أموالا طائلة ويستحق المجازفة بالحياة، لاسيما بالنسبة لي لكوني رب عائلة. ولكني أشعر أيضا بأنني أساعد أشخاص يحلمون بالعيش في البلدان الغربية لينعموا بالأمان والاستقرار والحماية، وهذه أمور مفقودة تماما في ظل النظم الديكتاتورية. لقد بدأت هذا العمل في عام 1989، وإني سعيد بممارسة هذا العمل، بصرف النظر عن المكاسب المادية. لقد ساعدت ثلاثين شخصا في السفر إلى أوروبا مجانا. ومع أن هذه الرحلات غير مشروعة، ولكنني أشارك بهجة المسافرين الذين يصلون إلى بلد المقصد دون عناء.

صوت المهجر: كم عدد الأشخاص الذين تتعاونون معهم في بلدان المقصد؟

 أبو راوند: لدينا أشخاص يتعاونون معنا في جميع بلدان المنشأ وبلدان المقصد في الغرب تقريبا: في العراق وتركيا وسوريا ولبنان وإيران وروسيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا وهولندا والسويد والنرويج وايرلندا وإنجلترا وكندا. ويتراوح عددهم بين 350 و450 شخص، ولكن هذا العدد قد يتغير في فترات معينة وحسب التقلبات التي يتعرض لها  سوق الهجرة.

 صوت المهجر: هل تستطيع أن تصف لنا سفرة باءت بالفشل، وماذا كان شعورك؟

 أبو راوند: لقد ساعدت خلال قيامي بهذا العمل 2800 شخصا من كل الجنسيات في السفر إلى أوروبا من أجل التنعم بالأمان. وقد واجهنا في بعض الأحيان صعوبات. أذكر على وجه الخصوص رحلة جرت أثناء شتاء 2003. لقد كنا ثلاث مجموعات عدد الأشخاص فيها 180 شخصا، خرجنا من تركيا قاصدين اليونان. وبعد ثمانية أيام من المشي على الأقدام، مرض الدليل الرئيسي لإحدى المجموعات الثلاث وهو يوناني الأصل وقرر الرجوع إلى بيته. ولكن مجموعته أصرّت على متابعة الطريق. وبعد يومين أضاعوا الطريق وأصاب معظمهم إجتفافا حادا. وفي المساء، اضطروا لإشعال النار في الغابة مجازفين بخطر انكشاف أمرهم . وكانت محصلة هذه الفاجعة، ضحيتين توفوا بسبب الإجتفاف والتعب والبرد. أما الأشخاص التسعة الباقين فهم لغاية الآن في عداد المفقودين. لا أستطيع أبدا نسيان هذا الحادث الذي أثر في تأثيرا عميقا، ويخيل لي وكأنه وقع بالأمس.

مقال أجراه: هونر علي

قام بترجمته وإعادة صياغته: شوقي داراوي وحسن شير

اليونان – إيطاليا : بطاقة سفر ذهابا فقط

Un bateau transporte des migrantsهذه الصور لرحلة بحرية غير مشروعة من اليونان إلى إيطاليا والتي أرسلها إلى هيئة تحرير « صوت المهجر » شاب جرب حظه في الهجرة عن طريق شبكة من مهربي الأشخاص. ولحسن الحظ  بالنسبة له انتهت هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر بسلام. ويعبر النص أسفله بالكلمات عن الظروف الصعبة التي واكبت هذه المغامرة. وسيتبين لكم بأن أقدار 160 شخصا قد تتعلق بخيط واهي…

هذه الصور الفوتوغرافية تتبع مسار شاب « مسافر غير قانوني » عمره 25 عاما من كردستان العراق. وقد كلفته هذه الرحلة التي قام بها عام 2009، من اليونان إلى إيطاليا مبلغ 7.500 دولارا أمريكيا، على اعتبار بأنها « مضمونة النتائج ». وفي حال فشلها، وإذا ما نجا من هذه المغامرة، « يعاد » له المبلغ المدفوع بالكامل.

والمركب، الذي استأجرته شبكة المهربين، كان من مراكب الصيد القديمة، ويسمى حاليا « مركب قمامة »، وقد جدد طلائه قبل الإبحار كما استبدل محركه بمحرك سيارة. وصعد على متنه 125 شخصا بالغا وحوالى 30 إلى 40 طفل. وتشكل هذه الحمولة الزائدة بحد ذاتها خطرا إضافيا على الرحلة. وكانت جنسية  90 بالمئة من المسافرين أكرادا والعشرة بالمئة المتبقية من البلاد العربية. وقد احتل الرجال ظهر السفينة، فيما قبع النساء والأطفال في جوفها.

وفي اليوم الخامس، تعطل المحرك مدة ثماني ساعات. ولحسن الحظ كان على ظهر السفينة ميكانيكي نجح بإخراج فوطة طفل كانت محشورة في آلية المحرك. وفي اليوم السابع نفذ احتياطي الماء الصالح للشرب، فاستولى الهلع واليأس على المسافرين. ولحسن الحظ، لم يدم الانتظار طويلا إذ لاح على خط الأفق الساحل الإيطالي.

عمر أودرمات




بصدد بعض « التجاوزات » اللغوية

Les abus de langage de l'UDC

Affiche de l’UDC produite à l’occasion de la votation fédérale du 26.09.10 ayant pour objet la révision de l’assurance chômage

« التجاوز » مفهوم يصعب تحديده، وبالتالي فهو عرضة لكل الاستعمالات، بما فيها تلك الأكثر تدليسا.  سمعنا من يتكلم عن « تجاوزات » في مجالات المعونة الاجتماعية والتأمين وبشكل خاص التأمين ضد العجز الصحي أو ضد البطالة والتجاوزات في حق اللجوء. ونشير بهذه المناسبة إلى أننا لم نسمع الكثيرعن « تجاوزات » في مجال المنافسة المالية، أو في حق العمل أو في ممارسات الشركات الكبرى. ويبدو أن الذين يرتكبون التجاوزات هم حصرا من فئات الأقليات المقهورة والمستغلة. إن من يرتكب التجاوزات في سويسرا هو الضعيف دائما وليس القوي. أما على المستوى السياسي، فإن مفهوم التجاوز يطرح مسألتين أساسيتين أود هنا إمعان النظر فيهما.

نطاق القانون غير المحدّد

إن العنصر الأول الذي يرتكز عليه الخطاب ضد التجاوزات يقوم على توسيع نطاق القانون بشكل يتعدى نصه، وسبر أعماقه للوصول إلى « روحه » أي بالطبع إلى معناه الضمني. وبعبارة أخرى، وعلى عكس مبدأ الليبرالية القديم ، الذي يقول بأن « الشيء غير المحظور ليس مسموح به تماما »، فهناك أمور جديرة بالعقاب لا تظهر بشكل صريح في القوانين السارية.

يركّز الخطاب ضد « التجاوزات » على القانون الذي ينظم مجتمع منضبط ومستقر، وأكثر من القانون، الذي تتسم بالطبع حدوده بالضبابية والتي قد تتغير حسب الظروف السياسية. ولكن من المنظور الديمقراطي، نجد أنه على العكس تماما، هناك القانون والأهداف التي يتوخاها هذا القانون، وهي ليست الانضباط والاستقرار ولكن الحرية والمساواة. يوجد دائما تفاوت ما بين القانون وأهدافه، ومن أجل هذا وجدت السياسة.  إن هذا التفاوت ليس من صنع شاة جرباء أو أغنام سوداء، ولكن لأنه لا يمكن أن يوجد في الواقع، مجتمع منضبط انضباطا كاملا فهو بحاجة دائما إلى قوانين تكيّف لاحقا طبقا للحاجة. وعلى عكس ذلك، فإننا نجد في خطاب التجاوزات أنه يلقي على القواعد المكتوبة وغير المكتوبة وحدها عاتق ضمان دوام الانضباط، وأن الأشخاص الذين لا يحترمون القواعد الأولى أو الثانية هم وحدهم من يتحمل مسؤولية الإخلال بالنظام. من هنا برزت هذه الفكرة الرعناء أنه بطرد هؤلاء الأشخاص يمكن التخلص من مسببات هذا الخلل.

من هم الأشخاص الذين قد يخالفوا هذه القواعد غير المكتوبة، أو بالاحرى الأشخاص الذين من الممكن أن يعتقد بسهولة معظم الناس أنهم يخالفونها؟ بالطبع هم الأشخاص الذين لا يعرفون سويسرا بالقدر الكافي، أي لا يلمّون بعاداتها وتقاليدها، لكي يدركوا هذه الدقائق واللطائف التي يشار إليها  تلميحا.

التفريد (إلقاء اللوم على الأفراد) في المعضلات الاجتماعية

هذا ما يسوقني إلى التعليق الثاني. إن مسألة التجاوزات ترتبط بشكل منطقي بالتفريد المتطرف للمسائل السياسية. بالنسبة للسياسة، لا يوجد معضلات اجتماعية. لا يوجد إلا أفراد مسؤولون عن أوضاعهم. وحينئذ يمكن الادعاء بأن البطالة ناجمة عن العاطلين عن العمل أنفسهم، وأن ديون مؤسسة التأمينات ضد العجز الصحي ناجمة عن الأشخاص الذين يرتكبون التجاوزات بحقها، وأن المعضلات المرتبطة بالهجرة ناجمة عن المهاجرين أنفسهم. إن إلقاء اللوم على الأفراد يسوق بالطبع إلى سحب المسؤولية عن السلطات السياسية بالكامل وإلى نضوب القدرة على الإبداع في العمل السياسي. فإذا ما ساءت الأمور، وعمّت الفوضى،  فهذا بسبب  أفراد لا يلتزمون بالقواعد، أناس « لا يشبهوننا »، جاؤوا للإخلال بالنظام والهدوء اللذين لولاهم لكانا مستتبين بشكل كامل.

إزاء هذه التفسيرات المضحكة، يجدر بنا أن نذكّر بأننا نعاني من معضلات اجتماعية. فوراء مسائل البطالة والإعاقة والإجرام والفقر قوى ديناميكية معقدة تتعدّى في معظم الأحيان بكثير قدرة سلوك الأفراد وحدهم. هذا لا يعني أن هؤلاء الأفراد لا يتمتعون بأية حرية بل على العكس، ولكن علينا أن نعاود القول بأنه لا يمكننا صنع سياسة جيدة باستبعاد هذه المعطيات البنيوية لسبب بسيط هو أن نسيانها يجعل كل القرارات السياسية غير فعالة. إن كل شخص يعتقد بأنه يكفي لكي تسترد مؤسسة التأمين ضد العجز الصحي صحتها المالية تنظيفها من مرتكبي التجاوزات أو طرد المجرمين الأجانب لكي يعمّ الأمن في سويسرا إنما هو ساذج وجاهل. إن هؤلاء يحلقون في عالم طوباوي ويجب مواجهتهم بواقعية العالم المعقدة من خلال حلول أحيانا معقدة بالتأكيد هي الأخرى، ولكن لا يمكن استبدالها بالإرادية الجامدة التي لا تأخذ في الاعتبار الثقل الذي تشكله المجتمعات.

التصدي للتبسيط والعودة إلى ممارسة السياسة

إن الخطاب حول التجاوزات يهدف إلى خلق عدو للمجتمع، عدو داخلي يجب حسر القناع عنه وطرده. هذا العدو هو المسؤول عن كل ما يعاني منه المجتمع من مصائب، فهو الذي يخلّ بالنظام ويضعفه. مثل هذا الخطاب له سابقة تاريخية، ويذكرنا بالأيام الحالكة التي شهدتها أوروبا خلال النصف الأول من القرن العشرين، ولهذا السبب يتحتم علينا التصدي له بحزم.

لعلنا ننجح في ذلك بالتذكير ببعض المبادئ الديمقراطية: ليس هناك « عدو » للمجتمع وإنما هناك خطوط انقسام اقتصادية واجتماعية وسياسية فيه. هناك أغنياء وفقراء. هناك مّلاك وعاملين، وهناك من ينتمي إلى اليمين ومن ينتمي إلى اليسار، الخ. ونحن لا نتفق فيما بيننا لا حول الأهداف التي نتوخاها ولا حول الوسائل للوصول إليها، فالسياسة هي بالضبط الحلبة التي يدور فيها هذا الصراع المتجدد دائما. وهذا بالضبط ما لا يقبله الذين يتشدقون باستمرار في خطاباتهم بـ »التجاوزات »: إن المجتمع السويسري، كما هو الحال في كل المجتمعات الأخرى، مجتمع غير متجانس، وهو غير محكم التنظيم. وذلك لأنه لا يوجد نظام نموذجي يمكنه ضبط عمله بشكل تام. ولذلك علينا باستمرار قراءة وإعادة التفكير بكل شيء: بسياساتنا، وبرؤيتنا للعالم، وبتعريفنا للمجتمع، وبأهدافنا، وحتى بقيمنا نفسها.

إن مجتمعنا ليس حقلا نطرد منه الأغنام السوداء لضمان الهدوء، بل أنه مجتمع متعدد الانقسامات وفي حركة دائمة.

أنطوان شوليه

مركز دراسة تاريخ الفكر السياسي والمؤسسات




« في العراق: أصبحنا أهدافا سهلة »

Christian iraki praying

Beyrouth, hommage rendu aux victimes de l’attentat de Bagdad du 31 octobre 2010

اعترف بمسؤوليته تنظيم القاعدة، سلط الأضواء على مصير العراقيين المسيحيين منذ سقوط نظام صدام حسين. وقد دفعتهم التهديدات والاعتداءات الخطيرة التي ارتكبت ضدهم إلى الهجرة. وقد قبل يوسف ونجاة ومورين* وهم ثلاثة لاجئين، أن يدلوا بشهاداتهم حول الأسباب التي دفعتهم إلى اللجوء إلى لبنان وآمالهم في المستقبل.

مسيحيو العراق: ألفين سنة من التاريخ

يعتبر الانفجار الذي شنه ثلاثة إسلاميين متطرفين، والذي تسبب في مقتل حوالى 50 مسيحيا داخل الكاتدرائية في قلب بغداد، حادثا عنيفا مدبرا ضد طائفة دينية معيّنة. أي من وجهة النظر هذه،  ضد الدين المسيحي بشكل واضح. وإذا كان هذا النوع من الأنباء لم يكن ليحتل في الماضي سوى المرتبة الثانية في أعمدة الصحف، إلا أنه ليس الاعتداء الأول من نوعه. ففي الأول من آب/أغسطس عام 2004 وقعت اعتداءات بشكل متزامن تقريبا على خمس كنائس في بغداد والموصل تسببت في مقتل 12 مسيحيا آشوريا. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2006، اختطف كاهن في الموصل ووجد بعد يومين مقطوع الرأس، وقبل هذه الحادثة ببضعة أيام وجد صبي مراهق مصلوبا في نفس المنطقة. وحسب مؤسسة « العمل المشرقي » هوجمت 40 كنيسة ما بين حزيران/يونيو 2004 وحزيران/يونيو 2007. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2008، شنّت حملة ضد المسيحيين في الموصل فرّ على إثرها من البلاد، قرابة 3000 شخصا من هذه الطائفة.

وقد دفعت التهديدات والعنف والاعتداءات المسلحة المنتظمة والمتصاعدة ضد المسيحيين مئات الآلاف من العراقيين المسيحيين إلى الهجرة. ففي عام 2000، كان عددهم يبلغ 860.000 شخصا في العراق، أي نسبة 2 في المائة من عدد السكان. وقد هبط هذا العدد بشكل قوي منذ ذلك الحين ليصل إلى أقل من 450.000 في يومنا هذا. وحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن رعايا هذه الطائفة موزعون أساسا في المناطق الشمالية (كردستان العراق). وبالرغم من أنهم لا يمثلون سوى أقلية، إلا أنهم متجذرون في العراق منذ 2000 سنة. وتشير مصادر عديدة إلى أن الطائفتين المسيحيتين الهامتين، الكلدانية والآشورية في العراق، قد اعتنقتا المسيحية على يد القديس توما منذ القرن الأول. وقد أدّى الشقاق الذي حدث مع الكنيسة في روما وموجات الهجرة إلى ظهور كنائس مسيحية جديدة مثل الكنيسة اليونانية الأرثودوكسية والكنيسة البروتستانية. وحاليا، يعدّ العراق ما لا يقل عن 12 كنيسة مختلفة، أي أن هذه الطائفة التاريخية المحلية تفتقر إلى التجانس كليا.

لم يؤثر ظهور الإسلام في القرن السابع على هذه الصيغة. ففي الواقع، تعايشت هذه الطوائف المتعددة، مسيحية كانت أم مسلمة (شيعية وسنية)، في العراق منذ قرون في وئام نسبي حسب العهود. لذا يبدو لنا أنه من غير اللائق في هذا المجال السؤال عن مدى اندماجهم في المجتمع العراقي، إذ يعرّفون أنفسهم بأنهم طائفة معروفة  « بحبها للسلام وبانفتاحها على العالم ».

صدام: ذكرى عراق موحد

تقوم عقيدة نظام البعث، الذي كان ينتمي إليها صدام حسين، على مبادئ الاشتراكية العلمانية. غير أنه منذ عام 1991 حدّ النظام جزئيا من هذه العلمنة، بتبنيه نصوص قانونية مستمدة من القواعد التي تنادي بها السلطات الإسلامية. فمثلا، منع الكحول، وقد أجيز فقط للمسيحيين صنعه وبيعه. وتدريجيا، أدمجت مثل هذه القواعد الإسلامية في القانون العراقي. مثلا، وضع قانون يحظر استعمال أسماء مسيحية. ولكن لا يبدو أن يوسف ونجاة ومورين يذكرون هذه الحقبة. بل على العكس، فهم يذكرون فترة حكم صدام بشيء من الحنين. وإزاء ردود الفعل المستنكرة نوعا ما التي أثارتها أقوالهم، لطفوا من لهجتهم قائلين: « نعم، كانت هناك مشاكل تحت حكم صدام، ولكن بالنسبة لكل العراقيين »، ثم استطردوا قائلين: « كان صدام يحترم المسيحيين ويحميهم. لقد كنا نشعر في ظله بالأمان ».

وعندما سألناهم عن التغييرات المهمة التي حدثت بعد سقوط النظام، أجابوا بلا تردد بأن هناك « تراجع« ، وبأن الشعب اليوم منقسم على نفسه ومفكك. واستطرد يوسف قائلا: « قبل ذلك كان العراقي عراقيا أولا، وانتماؤه الديني لا أهمية له. أما الآن فقد تلاشى هذا الوئام » وبأن هذا التغيير لم يحدث فجأة. وعندما سئلوا عن هوية « الأطراف المسؤولة » عن ذلك، جاء ردّ الجميع « إنها أطراف خارجية. » ويرى يوسف بأن « هناك مخطط مدبر وضعه كبار المسؤولين الأجانب لكي يشنوا الحرب ». وحتى اليوم، يصعب عليهم التصديق بأن الاعتداءات التي كانوا ضحاياها قد ارتكبها عراقيون. إذ فقد يوسف في الانفجار الذي وقع في كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد اثنين من أبناء عمومته. ولكنه أشار بحق إلى أن العنف ضد المسيحيين هو ظاهرة محلية: « لا نعاني وحدنا من العنف في الشرق الأوسط. هناك الأقباط في مصر يعانون أيضا من العنف والتهديد. ولكن في العراق، نحن نشكل أهدافا سهلة، لأن الحكومة لا تملك الوسائل لممارسة سلطتها وتأمين حمايتنا ».

الهجرة: الخيار الصعب

قبل الفرار، كان يوسف وعائلته يعيشون حياة هادئة. وكانت تجارة الآلات والأدوات التي كان يمارسها تؤمن دخلا مستقرا لكل العائلة. إذن، ما هي الأسباب التي دفعته إلى الهجرة ؟ قال: « بدأت أتلقى منذ عام 2005، تهديدات بالاختطاف. وفي حزيران/يونيو 2007، اختطف إرهابيون أبي وطلبوا منا فدية أولية مقدارها 300.000 دولار أمريكي. فساومنا على مبلغ 60.000. وعندما عاد أبي كان مريضا جدا وعليه آثار التعذيب. فلم أتحمل أن يحدث ذلك إلى فرد آخر من العائلة ».

أما مورين فكانت طالبة في إحدى جامعات بغداد منذ عام 2001. وقد تركت العاصمة بغداد في عام 2009 على إثر تلقي تهديدات. وفي أحد الأيام اقترب منها في البهو المفضي إلى قاعة الدراسة بضعة غرباء وقالوا لها « احذري على نفسك ». لذا قررت أن تتابع دراستها في منطقة أخرى. ولكن في شهر آذار/مارس 2010، اختطف زوج أختها وقتل. « قد يحدث لزوجي مثل هذا الحادث، وصممنا على الرحيل ».

فالتنهدات …. والإطراقة والصمت الطويل… ثم انسياب الدموع لتعبّر عن الأسى العميق لاتخاذ قرار الرحيل وترك كل شيء. أن يجد المرء نفسه، بين عشية وضحاها، لاجئا، يعني قبل أي شيء جملة من التضحيات: ترك الأهل، والأرض المتوارثة، وفي كثير من الأحيان، نمط الحياة الرغد الذي كانوا يعيشونه كمسيحيين. وتقول مورين بحسرة إنه شعور مرير « من المستحيل وصفه »، إنه حزن عميق مستديم يعتصر القلب وينغّص العيش. أن يصبح المرء لاجئ يعني، الرحيل مع الأمل بحياة أفضل ولكن دون ضمان. والرحيل في كثير من الأحيان، يمثل نقطة اللاعودة، وحتى إذا حنّ الكبار يوما إلى العودة، فإنهم يدركون تماما بأن « أولادنا لم يعرفوا العراق ولن يحنوا إلى العودة إليه ».

لبنان: بلد مضيف، ولكن مؤقتا

لجأ جميع المسيحيين إلى لبنان، مع علمهم بأن لا مستقبل لهم ولا لأولادهم في هذا البلد. إلا أنهم على الأقل سيشعرون فيه بالأمان. فالدولة اللبنانية في الواقع، ليست من البلدان الموقعة على الاتفاقية الخاصة بأوضاع اللاجئين، ولا توفر لهم أي مساعدة. لذا، عهدت الحكومة إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وإلى المنظمات غير الحكومية المحلية مهمة مساعدة حوالى 8.000 لاجئ عراقي حاليا في لبنان. وبالرغم من هذا الخلل، فإنهم يؤكدون بأنه « سيأتي المزيد من العراقيين المسيحيين طالما أن الأحوال لم تتحسن ». والجميع في انتظار البلد الذي سيقبل استقبالهم ومنحهم الإقامة بصفتهم لاجئين. ولكن المعاملات بهذا الشأن قد تستغرق من واحد إلى ثلاث سنوات. وكل ما يطلبه هؤلاء من البلدان الأوروبية، هو تسهيل هذه الإجراءات ويناشدوهم: « إرحموا معاناتنا لكوننا مسيحيين مثلكم، وعاضدونا لأننا مضطهدين، لاسيما نحن وإياكم من نفس الدين ».

وفي مقابلة أجرتها قناة ANB اللبنانية مع جورج بوش بصدد مذكراته التي تم نشرها مؤخرا، والتي ذكر فيها الحرب على العراق بهذه العبارات:  » إن الاعتذار يعني أن هذا القرار كان سيئا. ولا أظن أن هذا الحل كان سيئا »، ثم يضيف قائلا: « تحسّنت أوضاع العالم بعد صدام حسين ». ولكل إنسان حرية الحكم على ذلك. ولكن العراقيين المسيحيون لا يشاطرونه مطلقا هذا الرأي ويقولون: « لم نشهد نظاما أفضل منه قط ». وحسب رأيهم:  » إن بروز صدام حسين جديد أو زعيم أقوى من الإرهابيين من شأنه فقط رأب الصدع الذي مني به العراق الذي ما زال يتفكك أكثر وأكثر بعد كل اعتداء. لا يبدو، بعد الأشهر الثمانية التي استغرقتها المفاوضات من أجل تشكيل حكومة تآلف، والتي باشرت عملها في 20 كانون الأول/ديسمبر 2010، أي بعد ثمانية أشهر من الشلل، أن الإرهاب قد انحسر. إلا أن الأمل يساور نفس يوسف ومورين ونجاة بأن هذا الزعيم القوي سيبرز إلى الوجود خلال عام 2011، أي بعد انسحاب الأمريكيين الكلي من العراق.

*أسماء مستعارة

كارولين نانزر

المسؤولة عن برنامج تابع لمنظمة كاريتاس، لبنان

في إطار التعاون بين كاريتاس وصوت المهجر