Articles en Français | English | Arabic

« في العراق: أصبحنا أهدافا سهلة »

Partager l'article sur les réseaux :
Christian iraki praying
image_pdfimage_print
Christian iraki praying

Beyrouth, hommage rendu aux victimes de l’attentat de Bagdad du 31 octobre 2010

اعترف بمسؤوليته تنظيم القاعدة، سلط الأضواء على مصير العراقيين المسيحيين منذ سقوط نظام صدام حسين. وقد دفعتهم التهديدات والاعتداءات الخطيرة التي ارتكبت ضدهم إلى الهجرة. وقد قبل يوسف ونجاة ومورين* وهم ثلاثة لاجئين، أن يدلوا بشهاداتهم حول الأسباب التي دفعتهم إلى اللجوء إلى لبنان وآمالهم في المستقبل.

مسيحيو العراق: ألفين سنة من التاريخ

يعتبر الانفجار الذي شنه ثلاثة إسلاميين متطرفين، والذي تسبب في مقتل حوالى 50 مسيحيا داخل الكاتدرائية في قلب بغداد، حادثا عنيفا مدبرا ضد طائفة دينية معيّنة. أي من وجهة النظر هذه،  ضد الدين المسيحي بشكل واضح. وإذا كان هذا النوع من الأنباء لم يكن ليحتل في الماضي سوى المرتبة الثانية في أعمدة الصحف، إلا أنه ليس الاعتداء الأول من نوعه. ففي الأول من آب/أغسطس عام 2004 وقعت اعتداءات بشكل متزامن تقريبا على خمس كنائس في بغداد والموصل تسببت في مقتل 12 مسيحيا آشوريا. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2006، اختطف كاهن في الموصل ووجد بعد يومين مقطوع الرأس، وقبل هذه الحادثة ببضعة أيام وجد صبي مراهق مصلوبا في نفس المنطقة. وحسب مؤسسة « العمل المشرقي » هوجمت 40 كنيسة ما بين حزيران/يونيو 2004 وحزيران/يونيو 2007. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2008، شنّت حملة ضد المسيحيين في الموصل فرّ على إثرها من البلاد، قرابة 3000 شخصا من هذه الطائفة.

وقد دفعت التهديدات والعنف والاعتداءات المسلحة المنتظمة والمتصاعدة ضد المسيحيين مئات الآلاف من العراقيين المسيحيين إلى الهجرة. ففي عام 2000، كان عددهم يبلغ 860.000 شخصا في العراق، أي نسبة 2 في المائة من عدد السكان. وقد هبط هذا العدد بشكل قوي منذ ذلك الحين ليصل إلى أقل من 450.000 في يومنا هذا. وحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن رعايا هذه الطائفة موزعون أساسا في المناطق الشمالية (كردستان العراق). وبالرغم من أنهم لا يمثلون سوى أقلية، إلا أنهم متجذرون في العراق منذ 2000 سنة. وتشير مصادر عديدة إلى أن الطائفتين المسيحيتين الهامتين، الكلدانية والآشورية في العراق، قد اعتنقتا المسيحية على يد القديس توما منذ القرن الأول. وقد أدّى الشقاق الذي حدث مع الكنيسة في روما وموجات الهجرة إلى ظهور كنائس مسيحية جديدة مثل الكنيسة اليونانية الأرثودوكسية والكنيسة البروتستانية. وحاليا، يعدّ العراق ما لا يقل عن 12 كنيسة مختلفة، أي أن هذه الطائفة التاريخية المحلية تفتقر إلى التجانس كليا.

لم يؤثر ظهور الإسلام في القرن السابع على هذه الصيغة. ففي الواقع، تعايشت هذه الطوائف المتعددة، مسيحية كانت أم مسلمة (شيعية وسنية)، في العراق منذ قرون في وئام نسبي حسب العهود. لذا يبدو لنا أنه من غير اللائق في هذا المجال السؤال عن مدى اندماجهم في المجتمع العراقي، إذ يعرّفون أنفسهم بأنهم طائفة معروفة  « بحبها للسلام وبانفتاحها على العالم ».

صدام: ذكرى عراق موحد

تقوم عقيدة نظام البعث، الذي كان ينتمي إليها صدام حسين، على مبادئ الاشتراكية العلمانية. غير أنه منذ عام 1991 حدّ النظام جزئيا من هذه العلمنة، بتبنيه نصوص قانونية مستمدة من القواعد التي تنادي بها السلطات الإسلامية. فمثلا، منع الكحول، وقد أجيز فقط للمسيحيين صنعه وبيعه. وتدريجيا، أدمجت مثل هذه القواعد الإسلامية في القانون العراقي. مثلا، وضع قانون يحظر استعمال أسماء مسيحية. ولكن لا يبدو أن يوسف ونجاة ومورين يذكرون هذه الحقبة. بل على العكس، فهم يذكرون فترة حكم صدام بشيء من الحنين. وإزاء ردود الفعل المستنكرة نوعا ما التي أثارتها أقوالهم، لطفوا من لهجتهم قائلين: « نعم، كانت هناك مشاكل تحت حكم صدام، ولكن بالنسبة لكل العراقيين »، ثم استطردوا قائلين: « كان صدام يحترم المسيحيين ويحميهم. لقد كنا نشعر في ظله بالأمان ».

وعندما سألناهم عن التغييرات المهمة التي حدثت بعد سقوط النظام، أجابوا بلا تردد بأن هناك « تراجع« ، وبأن الشعب اليوم منقسم على نفسه ومفكك. واستطرد يوسف قائلا: « قبل ذلك كان العراقي عراقيا أولا، وانتماؤه الديني لا أهمية له. أما الآن فقد تلاشى هذا الوئام » وبأن هذا التغيير لم يحدث فجأة. وعندما سئلوا عن هوية « الأطراف المسؤولة » عن ذلك، جاء ردّ الجميع « إنها أطراف خارجية. » ويرى يوسف بأن « هناك مخطط مدبر وضعه كبار المسؤولين الأجانب لكي يشنوا الحرب ». وحتى اليوم، يصعب عليهم التصديق بأن الاعتداءات التي كانوا ضحاياها قد ارتكبها عراقيون. إذ فقد يوسف في الانفجار الذي وقع في كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد اثنين من أبناء عمومته. ولكنه أشار بحق إلى أن العنف ضد المسيحيين هو ظاهرة محلية: « لا نعاني وحدنا من العنف في الشرق الأوسط. هناك الأقباط في مصر يعانون أيضا من العنف والتهديد. ولكن في العراق، نحن نشكل أهدافا سهلة، لأن الحكومة لا تملك الوسائل لممارسة سلطتها وتأمين حمايتنا ».

الهجرة: الخيار الصعب

قبل الفرار، كان يوسف وعائلته يعيشون حياة هادئة. وكانت تجارة الآلات والأدوات التي كان يمارسها تؤمن دخلا مستقرا لكل العائلة. إذن، ما هي الأسباب التي دفعته إلى الهجرة ؟ قال: « بدأت أتلقى منذ عام 2005، تهديدات بالاختطاف. وفي حزيران/يونيو 2007، اختطف إرهابيون أبي وطلبوا منا فدية أولية مقدارها 300.000 دولار أمريكي. فساومنا على مبلغ 60.000. وعندما عاد أبي كان مريضا جدا وعليه آثار التعذيب. فلم أتحمل أن يحدث ذلك إلى فرد آخر من العائلة ».

أما مورين فكانت طالبة في إحدى جامعات بغداد منذ عام 2001. وقد تركت العاصمة بغداد في عام 2009 على إثر تلقي تهديدات. وفي أحد الأيام اقترب منها في البهو المفضي إلى قاعة الدراسة بضعة غرباء وقالوا لها « احذري على نفسك ». لذا قررت أن تتابع دراستها في منطقة أخرى. ولكن في شهر آذار/مارس 2010، اختطف زوج أختها وقتل. « قد يحدث لزوجي مثل هذا الحادث، وصممنا على الرحيل ».

فالتنهدات …. والإطراقة والصمت الطويل… ثم انسياب الدموع لتعبّر عن الأسى العميق لاتخاذ قرار الرحيل وترك كل شيء. أن يجد المرء نفسه، بين عشية وضحاها، لاجئا، يعني قبل أي شيء جملة من التضحيات: ترك الأهل، والأرض المتوارثة، وفي كثير من الأحيان، نمط الحياة الرغد الذي كانوا يعيشونه كمسيحيين. وتقول مورين بحسرة إنه شعور مرير « من المستحيل وصفه »، إنه حزن عميق مستديم يعتصر القلب وينغّص العيش. أن يصبح المرء لاجئ يعني، الرحيل مع الأمل بحياة أفضل ولكن دون ضمان. والرحيل في كثير من الأحيان، يمثل نقطة اللاعودة، وحتى إذا حنّ الكبار يوما إلى العودة، فإنهم يدركون تماما بأن « أولادنا لم يعرفوا العراق ولن يحنوا إلى العودة إليه ».

لبنان: بلد مضيف، ولكن مؤقتا

لجأ جميع المسيحيين إلى لبنان، مع علمهم بأن لا مستقبل لهم ولا لأولادهم في هذا البلد. إلا أنهم على الأقل سيشعرون فيه بالأمان. فالدولة اللبنانية في الواقع، ليست من البلدان الموقعة على الاتفاقية الخاصة بأوضاع اللاجئين، ولا توفر لهم أي مساعدة. لذا، عهدت الحكومة إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وإلى المنظمات غير الحكومية المحلية مهمة مساعدة حوالى 8.000 لاجئ عراقي حاليا في لبنان. وبالرغم من هذا الخلل، فإنهم يؤكدون بأنه « سيأتي المزيد من العراقيين المسيحيين طالما أن الأحوال لم تتحسن ». والجميع في انتظار البلد الذي سيقبل استقبالهم ومنحهم الإقامة بصفتهم لاجئين. ولكن المعاملات بهذا الشأن قد تستغرق من واحد إلى ثلاث سنوات. وكل ما يطلبه هؤلاء من البلدان الأوروبية، هو تسهيل هذه الإجراءات ويناشدوهم: « إرحموا معاناتنا لكوننا مسيحيين مثلكم، وعاضدونا لأننا مضطهدين، لاسيما نحن وإياكم من نفس الدين ».

وفي مقابلة أجرتها قناة ANB اللبنانية مع جورج بوش بصدد مذكراته التي تم نشرها مؤخرا، والتي ذكر فيها الحرب على العراق بهذه العبارات:  » إن الاعتذار يعني أن هذا القرار كان سيئا. ولا أظن أن هذا الحل كان سيئا »، ثم يضيف قائلا: « تحسّنت أوضاع العالم بعد صدام حسين ». ولكل إنسان حرية الحكم على ذلك. ولكن العراقيين المسيحيون لا يشاطرونه مطلقا هذا الرأي ويقولون: « لم نشهد نظاما أفضل منه قط ». وحسب رأيهم:  » إن بروز صدام حسين جديد أو زعيم أقوى من الإرهابيين من شأنه فقط رأب الصدع الذي مني به العراق الذي ما زال يتفكك أكثر وأكثر بعد كل اعتداء. لا يبدو، بعد الأشهر الثمانية التي استغرقتها المفاوضات من أجل تشكيل حكومة تآلف، والتي باشرت عملها في 20 كانون الأول/ديسمبر 2010، أي بعد ثمانية أشهر من الشلل، أن الإرهاب قد انحسر. إلا أن الأمل يساور نفس يوسف ومورين ونجاة بأن هذا الزعيم القوي سيبرز إلى الوجود خلال عام 2011، أي بعد انسحاب الأمريكيين الكلي من العراق.

*أسماء مستعارة

كارولين نانزر

المسؤولة عن برنامج تابع لمنظمة كاريتاس، لبنان

في إطار التعاون بين كاريتاس وصوت المهجر



Répondre

Votre message ne sera envoyé que si tous les champs marqués d'un *     sont remplis

Nom: *








WordPress Video Lightbox Plugin